يُعد فضل صيام الأيام البيض في رجب من الموضوعات التي تحظى باهتمام واسع بين المسلمين مع دخول هذا الشهر المبارك، لما يحمله من مكانة خاصة كونه أحد الأشهر الحرم التي عظّم الله شأنها، وارتبط فيها الصيام بسنّة نبوية ثابتة، تجمع بين البعد الروحي والتربوي والاستعداد المبكر لشهر رمضان المبارك.

ومع تزايد تساؤلات المسلمين حول حكم صيام الأيام البيض في شهر رجب وموعدها وفضلها، أكدت دار الإفتاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرص على صيام الأيام البيض من رجب، كما كان يصومها من كل شهر هجري، وهي أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، لما لها من فضل عظيم وأجر كبير.

شهر رجب ومكانته في الإسلام

يأتي شهر رجب في المرتبة السابعة من شهور السنة الهجرية، وهو أحد الأشهر الحرم التي قال الله تعالى عنها في كتابه الكريم: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا… مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ».

وشهر رجب من هذه الأشهر التي عظّم الله فيها حرمة الدماء، وحرّم الظلم، وجعل العمل الصالح فيها أعظم أجرًا، والمعصية أشد إثمًا. 

وقد اعتاد المسلمون عبر العصور الإكثار من الطاعات في هذا الشهر، وعلى رأسها الصيام.

اقرأ أيضاً: جامعة اليمامة تعلن عن وظائف أكاديمية شاغرة لأعضاء هيئة التدريس بمختلف التخصصات

فضل صيام الأيام البيض في رجب كما ورد في السنة النبوية

أكدت دار الإفتاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم الأيام البيض من رجب ومن غيره من الشهور، وهي الأيام: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهر هجري.

وقد ورد في الحديث الشريف عن ابن ملحان القيسي، عن أبيه، قال: «كان رسول الله ﷺ يأمرنا أن نصوم البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، وقال: هن كهيئة الدهر».

ويدل هذا الحديث الصحيح على عِظم فضل صيام الأيام البيض، حيث جعلها النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة صيام الدهر كله، لما فيها من انتظام واستمرارية في العبادة.

لماذا تُسمّى الأيام البيض بهذا الاسم؟

من الأسئلة المتكررة التي يطرحها المسلمون: ما أصل تسمية الأيام البيض؟

الأيام البيض هي الأيام التي تكتمل فيها الليالي القمرية ويظهر القمر بدرًا كامل الاستدارة والبياض، وهي ليالي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر هجري.

وسُمّيت بذلك:

- لبياض القمر في الليل عند اكتماله.

- وبياض الشمس في النهار.

- والبياض هنا وصف لليالي، ووُصفت الأيام به مجازًا.

وقد ثبت هذا التحديد في عدد من الأحاديث النبوية الصحيحة، منها ما رواه النسائي وصححه الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري.

فضل صيام الأيام البيض في رجب وأجره العظيم

يجتمع في صيام الأيام البيض في شهر رجب فضلان عظيمان:

1. فضل الصيام نفسه.

2. فضل الزمان، لكونه في شهر حرام.

وقد قرر العلماء أن العمل الصالح في الأشهر الحرم أعظم أجرًا، لما فيها من تعظيم لأمر الله، واستجابة لأوامره.

وصيام الأيام البيض في رجب:

1- يقرّب العبد من الله.

2- يربي النفس على الاستمرارية في الطاعة.

3- يكفّر الذنوب.

4- يهيئ المسلم روحيًا وبدنيًا لاستقبال شهر رمضان.

موعد صيام الأيام البيض في شهر رجب

بحسب ما أعلنته دار الإفتاء، فإن موعد صيام الأيام البيض في شهر رجب يوافق:

- الجمعة 2 يناير

- السبت 3 يناير

- الأحد 4 يناير

وهي الأيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من شهر رجب هجريًا.

ويحرص كثير من المسلمين على اغتنام هذه الأيام الثلاثة لما لها من فضل خاص ثابت في السنة.

هل صيام الأيام البيض في رجب واجب أم سنة؟

أجمع العلماء على أن صيام الأيام البيض سنة مستحبة، وليس فرضًا أو واجبًا، لكن المداومة عليه من علامات محبة الطاعة والحرص على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.

ولا إثم على من ترك الصيام، لكن فاته أجر عظيم، خاصة إذا كان الصيام يسيرًا ومقدورًا عليه.

صيام الأيام البيض في رجب وصيام الدهر

من المعاني العظيمة المرتبطة بفضل صيام الأيام البيض، قول النبي ﷺ: «هن كهيئة الدهر».

وفسّر العلماء ذلك بأن:

1- الحسنة بعشر أمثالها.

2- صيام ثلاثة أيام يعادل صيام ثلاثين يومًا.

3- ومع المواظبة كل شهر، يكون كصيام العام كله.

وهذا من رحمة الله بعباده، حيث جعل القليل من العمل سببًا في نيل الأجر العظيم.

الفرق بين صيام الأيام البيض وصيام رجب كاملًا

من المهم التفريق بين:

1- صيام الأيام البيض: سنّة ثابتة.

2- صيام شهر رجب كاملًا: لم يثبت عن النبي ﷺ تخصيصه.

وقد أوضح العلماء أن:

1- الإكثار من الصيام في رجب جائز.

2- لكن لا يُعتقد أن صيامه كاملًا له فضل خاص دون دليل.

والأفضل هو الالتزام بما ثبت عن النبي ﷺ، مثل صيام الأيام البيض.

الحكمة الروحية من صيام الأيام البيض في رجب

يحمل صيام الأيام البيض في رجب أبعادًا روحية وتربوية عميقة، منها:

1- تهذيب النفس.

2- تدريب الجسد على الصيام قبل رمضان.

3- تعويد المسلم على الطاعات المنتظمة.

4- تعزيز الصلة بالله في الأشهر الحرم.

كما يساعد الصيام على صفاء القلب، وكسر الشهوات، وزيادة الإحساس بالفقراء والمحتاجين.

صيام الأيام البيض في رجب والاستعداد لشهر رمضان

يرى كثير من العلماء أن رجب بمثابة شهر التهيئة، وشعبان شهر التدريب، ورمضان شهر الحصاد.

ومن هذا المنطلق، فإن صيام الأيام البيض في رجب:

1- يخفف مشقة الصيام في رمضان.

2- يعوّد الجسم على الامتناع عن الطعام.

3- يرفع الروح الإيمانية تدريجيًا.

حكم الجمع بين نية القضاء وصيام الأيام البيض

يجوز شرعًا الجمع بين:

- نية صيام القضاء.

- ونية صيام الأيام البيض.

ويرجى للمسلم في هذه الحالة أن ينال:

- أجر الفريضة.

- وأجر السنة.

وهو قول جمهور العلماء، خاصة لمن عليه أيام من رمضان السابق.

فضل صيام الأيام البيض للمرأة

لا يختلف فضل صيام الأيام البيض بين الرجل والمرأة، فكلاهما مأجور، بشرط:

- الطهارة.

- القدرة الصحية.

- عدم وجود مانع شرعي.

ويُعد الصيام للمرأة في هذه الأيام بابًا عظيمًا للأجر، خاصة مع الجمع بين العبادة وأعباء الحياة اليومية.

ما هو فضل صيام الأيام البيض من رجب؟

فضل صيام الأيام البيض من شهر رجب ثابت في السنة النبوية، إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على صيامها من كل شهر، ومنها شهر رجب، وهي الأيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر الهجري. 

ويجمع هذا الصيام بين فضيلة العبادة وفضل الزمان، حيث يُعد رجب من الأشهر الحرم التي عظّم الله فيها الأجر. 

وقد ورد في الحديث الشريف أن صيام هذه الأيام كصيام الدهر، لما فيه من المواظبة والاستمرارية على الطاعة، وهو ما يجعل صيام الأيام البيض من رجب من أعظم القربات المستحبة.

هل الصوم في شهر رجب له فضل معين؟

الصوم في شهر رجب له فضل من حيث كونه واقعًا في شهر حرام، حيث تُضاعف فيه الحسنات ويُعظم فيه أجر الطاعات. 

ولم يرد نص صحيح يخص صيام شهر رجب كله بفضل معين، إلا أن الإكثار من الصيام فيه داخل في عموم فضل الصيام في الأشهر الحرم. 

وقد كان السلف الصالح يستحبون الصيام في رجب دون اعتقاد بفرضية أو خصوصية لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم، التزامًا بالمنهج الصحيح في العبادة.

ما حكم صيام 3 أيام من شهر رجب؟

صيام ثلاثة أيام من شهر رجب سنة مستحبة، خاصة إذا وافقت الأيام البيض، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر. وقد حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وبيّن أن ذلك يعادل صيام الدهر. 

ولا يختص هذا الفضل برجب وحده، لكنه يتأكد فيه لكونه من الأشهر الحرم، فيكون الصيام فيه أكثر أجرًا وأعظم ثوابًا.

ما حكم صيام يوم 13 و14 و15 من رجب؟

صيام يوم 13 و14 و15 من شهر رجب مستحب شرعًا، وهو من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث تُعرف هذه الأيام بالأيام البيض، لاكتمال القمر فيها وبياضه. 

وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن صيام هذه الأيام له أجر عظيم، ويُعد من الأعمال التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها، سواء في رجب أو غيره من الشهور.

فضل صيام نصف رجب

لم يرد في السنة النبوية نص خاص يحدد فضلًا معينًا لصيام نصف شهر رجب تحديدًا، إلا أن الصيام في أي يوم من أيام رجب داخل في عموم فضل الصيام في الأشهر الحرم. 

ويجوز للمسلم أن يصوم ما تيسر له من أيام رجب، سواء نصفه أو بعضه، دون تخصيص يوم بعينه بفضل لم يرد به دليل، مع استحضار نية التقرب إلى الله وطلب الأجر.

دعاء الأيام البيض من شهر رجب

لم يرد دعاء مخصوص ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم للأيام البيض من شهر رجب، إلا أن الدعاء فيها مستحب كغيرها من أيام الصيام. 

ويجوز للمسلم أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، ومن الأدعية المستحبة:

اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وتقبل صيامنا، وبلغنا رمضان غير فاقدين ولا مفقودين، واكتب لنا الأجر والقبول.

فالدعاء في الصيام مظنة للإجابة، وهو من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه.

الأسئلة الشائعة 

1- هل صيام الأيام البيض في رجب أفضل من غيره من الشهور؟

صيام الأيام البيض له فضل عظيم في كل الشهور، ويزداد أجره في شهر رجب لكونه من الأشهر الحرم التي تُعظم فيها الطاعات وتُضاعف فيها الحسنات.

2- هل يجوز صيام الأيام البيض في رجب بنية قضاء أو نفل؟

يجوز الجمع بين نية صيام الأيام البيض وقضاء ما فات من صيام واجب، ويُرجى للمسلم أن ينال أجر القضاء وأجر الصيام في الأيام الفاضلة معًا.

3- هل صيام الأيام البيض في رجب بدعة؟

لا، صيام الأيام البيض ليس بدعة، بل هو سنة ثابتة عن النبي ﷺ في كل شهر، ومنها شهر رجب، دون تخصيص فضل زائد لم يرد به دليل.

4- هل يُشترط صيام الأيام الثلاثة متتابعة؟

الأفضل صيام الأيام البيض متتابعة لأنها محددة بأيام 13 و14 و15، لكن لو صام المسلم بعضها دون بعض فله أجر ما صام ولا إثم عليه.

5- هل يجوز صيام الأيام البيض للمرأة دون إذن الزوج؟

يجوز للمرأة صيام النفل، ومنها الأيام البيض، بشرط ألا يكون في ذلك تعارض مع حق الزوج، إلا إذا كان الصيام واجبًا فلا يشترط الإذن.

6- هل صيام الأيام البيض في رجب يكفر الذنوب؟

صيام الأيام البيض من الأعمال الصالحة المكفرة للذنوب الصغائر بإذن الله، خاصة إذا صاحبه الإخلاص والابتعاد عن المعاصي.

7- ما الفرق بين صيام الأيام البيض وصيام شهر رجب كاملًا؟

صيام الأيام البيض سنة مؤكدة، أما صيام شهر رجب كاملًا فلم يثبت عن النبي ﷺ، والأفضل الالتزام بالسنة دون الغلو أو التخصيص بغير دليل.

8- هل يُستحب الإكثار من الدعاء أثناء صيام الأيام البيض؟

نعم، الدعاء أثناء الصيام مستجاب، ويُستحب الإكثار من الدعاء في الأيام البيض لما لها من فضل روحي وزماني.

9- هل يجوز صيام الأيام البيض في رجب لمن عليه صيام رمضان فائت؟

يجوز، لكن الأولى تقديم صيام الفريضة إذا ضاق الوقت، أما إن كان الوقت متسعًا فيجوز الصيام بنية القضاء.

10- هل صيام الأيام البيض في رجب يهيئ النفس لشهر رمضان؟

نعم، يُعد صيام الأيام البيض تدريبًا عمليًا على الصيام، ويُساعد على تهيئة النفس والبدن لاستقبال شهر رمضان بنشاط وروحانية أعلى.

في الختام، فإن فضل صيام الأيام البيض في رجب يمثل فرصة إيمانية عظيمة لا ينبغي التفريط فيها، فهي عبادة يسيرة، وأجرها كبير، وسنّة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، تجمع بين تعظيم الزمان، واتباع الهدي النبوي، والاستعداد الروحي لشهر رمضان المبارك.

ومن واظب عليها، نال أجرًا عظيمًا، وكتب الله له الخير والبركة في عمره وعمله، وكانت له كصيام الدهر، كما أخبر الصادق المصدوق ﷺ.