يُعد سوق الأسهم السعودية أحد أكبر وأهم الأسواق المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل ويحتل مكانة متقدمة عالميًا بفضل حجم السيولة المتداولة، وعدد الشركات المدرجة، إضافة إلى ارتباطه المباشر بالاقتصاد السعودي الذي يشهد تحولًا جذريًا في ظل رؤية المملكة 2030.
ولذلك، فإن أي تغير في حركة المستثمرين سواء كانوا محليين أو أجانب أو خليجيين يثير اهتمام المحللين والمستثمرين على حد سواء، لما يحمله من دلالات اقتصادية عميقة، ليس فقط على مستوى التداولات اليومية، بل على مستقبل السوق والاستثمار في السعودية ككل.
خلال الأسبوع المنتهي في 21 أغسطس 2025، كشفت بيانات تداول السعودية عن تسجيل المستثمرين الأجانب والخليجيين صافي مشتريات في السوق الرئيسية، في الوقت الذي فضل فيه المستثمرون السعوديون الاتجاه للبيع.
هذه التحركات تفتح الباب أمام تساؤلات متعددة: لماذا يشتري الأجانب والخليجيون بينما يبيع السعوديون؟ ما العوامل التي تدفع هذه الفئات لاتخاذ قرارات مختلفة؟ وكيف يمكن قراءة هذه الأرقام في ضوء المؤشرات الاقتصادية الحالية والمستقبلية؟
في هذا التقرير الصحفي المطوّل، نحاول الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال تحليل معمّق لحركة سوق الأسهم السعودية، مع ربطها بالعوامل الاقتصادية والمالية المؤثرة، واستعراض أبرز التوقعات للفترة القادمة.
الأجانب والخليجيون يتجهون للشراء
أظهر التقرير الأسبوعي الصادر عن تداول السعودية أن المستثمرين الأجانب سجلوا صافي شراء بقيمة 295.94 مليون ريال، في حين حقق الخليجيون صافي شراء بنحو 141.64 مليون ريال.
في المقابل، كان السعوديون أكثر ميلًا للبيع، حيث سجلوا صافي بيع بلغ 437.58 مليون ريال.
وعند تفصيل الأرقام:
1- بلغت قيمة مشتريات الأجانب نحو 7.03 مليار ريال، أي ما يمثل 34.26% من إجمالي المشتريات في السوق، في حين بلغت مبيعاتهم 6.74 مليار ريال، ما يعادل 32.82% من إجمالي المبيعات.
2- المستثمرون الخليجيون نفذوا عمليات شراء بلغت قيمتها 495.88 مليون ريال، مقابل مبيعات بقيمة 354.24 مليون ريال.
3- أما السعوديون، فقاموا بعمليات شراء بقيمة 13 مليار ريال، تعادل 63.32% من مجمل المشتريات، في حين بلغت مبيعاتهم 13.44 مليار ريال، أي ما يمثل 65.46% من إجمالي المبيعات.
هذه الأرقام تعكس تباينًا واضحًا بين سلوك المستثمر الأجنبي والخليجي من جهة، والسعودي من جهة أخرى، الأمر الذي يستحق التوقف عنده وتحليله بعمق.
رواتب المتقاعدين في السعودية لهذا الشهر
لماذا اشترى الأجانب والخليجيون؟
1- ثقة في قوة الاقتصاد السعودي: أبرز ما يدفع المستثمر الأجنبي والخليجي للدخول بقوة في السوق السعودية هو متانة الاقتصاد، خاصة في ظل استمرار النمو غير النفطي، وارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 17.8% في الربع الثاني 2025، بحسب تقارير رسمية.
2- الشفافية والتشريعات الجاذبة: عملت هيئة السوق المالية السعودية وتداول خلال السنوات الأخيرة على تطوير منظومة تشريعية متقدمة، سمحت بدخول المستثمر الأجنبي المؤهل، وسهلت من عملية التداول عبر أنظمة رقمية حديثة، مما عزز الثقة لدى المستثمرين الدوليين.
3- توقعات نمو الشركات المدرجة: العديد من الشركات السعودية الكبرى خصوصًا في قطاعات الطاقة، البنوك، الاتصالات، والعقار أعلنت عن نتائج مالية قوية، مع خطط توسعية مستقبلية، ما جعلها أهدافًا مفضلة للمستثمرين الباحثين عن عوائد طويلة الأجل.
4- ارتباط السوق برؤية السعودية 2030: المشاريع الضخمة مثل نيوم، ذا لاين، والقدية تخلق فرصًا استثمارية ضخمة، وتجعل السوق السعودية جاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية التي تسعى إلى الاستفادة من التحولات الاقتصادية.
لماذا باع السعوديون؟
من المثير للاهتمام أن المستثمر السعودي، رغم قربه من السوق ومعرفته بفرصه، اتجه للبيع خلال نفس الفترة. ويمكن تفسير ذلك بعدة أسباب:
1. جني الأرباح: كثير من الأفراد والمؤسسات السعودية فضلوا الخروج من السوق بعد موجة ارتفاعات سابقة، لتأمين أرباحهم.
2. الحذر من تقلبات النفط: أسعار النفط التي تشهد تذبذبًا بين الحين والآخر تجعل بعض المستثمرين المحليين أكثر تحفظًا.
3. احتياجات سيولة شخصية: بعض الأفراد السعوديين قد يحتاجون إلى سيولة لتغطية التزامات مالية مع نهاية الصيف وبداية الموسم الدراسي.
4. سلوك الأفراد مقابل المؤسسات: بينما تتعامل المؤسسات السعودية بحذر شديد وفق استراتيجيات مدروسة، يبقى الأفراد أكثر عرضة للتأثر بالشائعات والتحركات السريعة للسوق.
العوامل الاقتصادية المؤثرة على سوق الأسهم السعودية
لا يمكن قراءة تحركات السوق بمعزل عن البيئة الاقتصادية العامة.
وهنا نستعرض أبرز العوامل:
1. أسعار النفط: كونه مصدر دخل رئيسي، فإن أي تقلب في سعر النفط ينعكس فورًا على السوق.
2. السياسة النقدية الأميركية: رفع الفائدة من جانب الفيدرالي الأميركي يؤثر على قرارات الاستثمار في الأسواق الناشئة، ومنها السعودية.
3. التضخم المحلي: رغم نجاح المملكة في السيطرة على التضخم نسبيًا، إلا أن أي ارتفاع في الأسعار قد يضغط على أرباح بعض الشركات.
4. المشاريع الكبرى لرؤية 2030: استثمارات الدولة في البنية التحتية والطاقة المتجددة تفتح آفاقًا جديدة للشركات المدرجة.
أداء القطاعات الكبرى
1- قطاع البنوك: شهد القطاع نشاطًا ملحوظًا بدعم من ارتفاع معدلات الإقراض وتمويل المشاريع الضخمة.
2- قطاع الطاقة: تأثر القطاع بتذبذب أسعار النفط، لكنه يظل قويًا بفضل التنوع نحو الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
3- قطاع الاتصالات: استفاد من توسع خدمات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي.
4- القطاع العقاري: مدعوم ببرامج وزارة الإسكان ومبادرات التمويل العقاري.
سوق الأسهم السعودية ورؤية 2030
رؤية السعودية 2030 لم تقتصر على التنويع الاقتصادي فقط، بل شملت أيضًا تطوير الأسواق المالية لتكون أكثر جاذبية وتنافسية عالميًا.
وقد شهدنا خلال الأعوام الأخيرة إدراج شركات كبرى، إضافة إلى فتح السوق أمام الأجانب، وهو ما ساهم في رفع حجم السيولة والتداولات.
مقارنة سوق الأسهم السعودية بالأسواق الخليجية
رغم المنافسة الإقليمية، إلا أن سوق الأسهم السعودية يتمتع بميزة الحجم والسيولة، ما يجعله الوجهة الأولى للمستثمرين الأجانب في المنطقة.
نصائح للمستثمرين الأفراد
1- تنويع المحافظ الاستثمارية.
2- عدم الانسياق وراء الشائعات.
3- متابعة تقارير "تداول" الأسبوعية.
4- الاستثمار طويل الأجل في القطاعات الواعدة.
التوقعات المستقبلية لسوق الأسهم السعودية
يتوقع محللون أن يواصل السوق جذب الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة المقبلة، خصوصًا مع استمرار المشاريع الكبرى، واستقرار أسعار النفط نسبيًا، ودعم السيولة الحكومية.
ما اسم سوق الأسهم السعودية؟
سوق الأسهم السعودية يُعرف رسميًا باسم تداول، وهو السوق المالية الوحيدة في المملكة العربية السعودية، ويُعد من أكبر أسواق المال في منطقة الشرق الأوسط، وواحدًا من أهم البورصات العالمية من حيث القيمة السوقية وعدد الشركات المدرجة.
ما اسم مؤشر سوق الأسهم السعودية؟
المؤشر الرئيسي لسوق الأسهم السعودية هو مؤشر تاسي (TASI)، وهو اختصار لـ Tadawul All Share Index.
ويُستخدم هذا المؤشر لقياس أداء السوق بشكل عام، حيث يضم جميع الشركات المدرجة في السوق الرئيسية، ويُعد مرجعًا رئيسيًا للمستثمرين المحليين والأجانب.
لماذا نزل سوق الأسهم السعودي؟
انخفاض سوق الأسهم السعودي قد يحدث نتيجة عدة عوامل، من أبرزها:
1- تراجع أسعار النفط الذي يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد السعودي.
2- قرارات السياسة النقدية مثل رفع أسعار الفائدة.
3- العوامل الجيوسياسية أو التغيرات العالمية.
4- جني الأرباح بعد فترات من الارتفاع.
لذلك لا يوجد سبب واحد محدد، بل هو مزيج من مؤثرات اقتصادية ومالية محلية وعالمية.
متى يبدأ سوق الأسهم السعودية؟
يفتح سوق الأسهم السعودية (تداول) أبوابه من الأحد إلى الخميس، حيث تبدأ فترة التداول الرئيسية من: 10 صباحًا حتى 3 مساءً بتوقيت الرياض.
وهناك أيضًا فترات ما قبل الافتتاح وما بعد الإغلاق المخصصة لتسجيل الأوامر وتسويتها.
موقع تداول
الموقع الرسمي لسوق الأسهم السعودية هو: www.saudiexchange.sa.
يوفر الموقع جميع البيانات اللحظية للتداول، والإعلانات الرسمية للشركات المدرجة، والتقارير المالية، إضافة إلى أدوات تحليلية للمستثمرين.
منتديات الأسهم السعودية
رغم وجود الموقع الرسمي "تداول" كمصدر أساسي للمعلومات الموثوقة، إلا أن الكثير من المستثمرين يتبادلون الخبرات والآراء عبر منتديات الأسهم السعودية، مثل:
1- منتدى هوامير البورصة السعودية.
2- منتدى تداول الأسهم السعودية.
لكن يُنصح دائمًا بالاعتماد على المصادر الرسمية وتقارير السوق، وعدم الانسياق وراء الشائعات المنتشرة في بعض المنتديات.
الأسئلة الشائعة
1. كيف أفتح محفظة استثمارية في سوق الأسهم السعودية؟
لفتح محفظة استثمارية يجب أن يكون لديك حساب بنكي في أحد البنوك السعودية، ثم التوجه لقسم الاستثمار أو الخدمات الإلكترونية الخاصة بالبنك لطلب فتح محفظة تداول.
بعدها تحصل على اسم مستخدم وكلمة مرور تتيح لك الدخول على منصات التداول وربطها بسوق الأسهم السعودية (تداول).
2. هل يمكن للأجانب الاستثمار في سوق الأسهم السعودية؟
نعم، يُسمح للأجانب بالاستثمار في سوق الأسهم السعودية وفق أنظمة "المستثمر الأجنبي المؤهل (QFI)"، إضافة إلى إمكانية الاستثمار غير المباشر عبر اتفاقيات المبادلة وصناديق المؤشرات المتداولة.
3. ما هي القطاعات الرئيسية في سوق الأسهم السعودية؟
يشمل سوق الأسهم السعودية عدة قطاعات رئيسية مثل: الطاقة، البنوك، الاتصالات، العقار، المواد الأساسية، الرعاية الصحية، والبتروكيماويات، وكل قطاع يضم شركات كبرى مؤثرة في حركة السوق.
4. ما الفرق بين السوق الرئيسية ونمو في السعودية؟
- السوق الرئيسية (تداول): مخصصة للشركات الكبيرة والمتوسطة التي تستوفي شروط الإدراج الكاملة.
- سوق نمو الموازي: يستهدف الشركات الناشئة والصغيرة بشروط إدراج أبسط، ويعتبر منصة مهمة لدعم نمو الأعمال.
5. ما المخاطر المرتبطة بالاستثمار في سوق الأسهم السعودية؟
أهم المخاطر تتمثل في: تقلب أسعار الأسهم، تأثر السوق بالعوامل الاقتصادية والنفطية، إمكانية الخسارة عند اتخاذ قرارات غير مدروسة، ومخاطر السيولة في بعض الشركات ذات التداول المنخفض.
6. كيف أتابع أخبار سوق الأسهم السعودية بشكل موثوق؟
يمكن متابعة الأخبار والتقارير الرسمية من خلال:
- الموقع الرسمي لسوق الأسهم السعودية (تداول).
- هيئة السوق المالية السعودية (CMA).
- مواقع إخبارية اقتصادية.
ويُفضل الاعتماد على هذه المصادر بدلًا من الشائعات المنتشرة في المنتديات أو وسائل التواصل.
إن قراءة حركة سوق الأسهم السعودية خلال الأسبوع المنتهي في 21 أغسطس 2025، تكشف عن ثقة الأجانب والخليجيين في السوق، مقابل حذر المستثمر المحلي الذي فضل البيع.
وبينما تعكس هذه التحركات اختلافًا في الاستراتيجيات والأهداف الاستثمارية، إلا أنها تؤكد في النهاية على حيوية السوق السعودية ومكانتها كإحدى أهم الوجهات الاستثمارية العالمية، خصوصًا في ظل التحولات الاقتصادية الكبرى التي تعيشها المملكة في إطار رؤية 2030.